استخدام سلسلة فيبوناتشي لتحديد مستويات الدعم والمقاومة في التداول

لماذا يستخدم المتداولون متتالية فيبوناتشي؟

لقد تم تطبيق متتالية فيبوناتشي في الأسواق المالية منذ عقود، لكن لماذا لا تزال واحدة من أكثر أدوات التحليل الفني شعبية؟ ببساطة، لأن هذه الطريقة تساعد المتداولين على تحديد المناطق التي قد يعكس فيها سعر الأصل اتجاهه بسرعة.

كل ذلك يعود إلى ظاهرة رياضية: نسبة التقسيم الذهبي الموجودة في الطبيعة. في القرن الثالث عشر، أدخل عالم الرياضيات الإيطالي ليوناردو بيسانو (الملقب بفيبوناتشي) هذه النسبة إلى العالم الغربي، ثم اكتشف المتداولون لاحقًا أن هذه النسبة تنطبق أيضًا على حركة أسعار الأسواق المالية. ولهذا السبب أصبحت نسب فيبوناتشي معيارًا في تحليل سوق الفوركس، والسلع، وغيرها من المجالات.

سر الأرقام وراءها: كيف تعمل متتالية فيبوناتشي

أول خطوة لفهم تطبيق متتالية فيبوناتشي، هي فهم نمط هذه السلسلة الرقمية.

القانون الأساسي لمتتالية فيبوناتشي بسيط جدًا: كل رقم هو مجموع الرقمين السابقين له، ويستمر بشكل لا نهائي:

0, 1, 1, 2, 3, 5, 8, 13, 21, 34, 55, 89, 144, 233, 377, 610, 987, 1597, 2584, 4181, 6765…

على الرغم من بساطتها، إلا أن هذه السلسلة تحتوي على علاقات رياضية مذهلة. عند قسمة أي رقم من السلسلة على الرقم الذي يسبقه، فإن النسبة تتقارب تدريجيًا إلى 1.618 — وهي نسبة التقسيم الذهبي الشهيرة. على سبيل المثال:

• 1597 ÷ 987 ≈ 1.618
• 610 ÷ 377 ≈ 1.618

وبالعكس، إذا قسمنا رقمًا على الرقم الذي يليه مباشرة، فإن النتيجة تقترب من 0.618 (وهي مقلوب 1.618):

• 144 ÷ 233 ≈ 0.618
• 610 ÷ 987 ≈ 0.618

هناك نسبة أخرى مثيرة للاهتمام: إذا قسمنا رقمًا على رقم أكبر بمقدار رقمين، فإن النتيجة تقترب من 0.382:

• 55 ÷ 89 ≈ 0.382
• 377 ÷ 987 ≈ 0.382

هذه النسب الثلاثة — 1.618، 0.618، و0.382 — تشكل الأساس الرياضي لنظام تداول فيبوناتشي.

التطبيق العملي: استخدام تصحيح فيبوناتشي لتحديد نقاط الدخول

بعد فهم المبادئ الرياضية، كيف يترجم المتداولون هذه النسب إلى إشارات تداول فعلية؟ الجواب هو تصحيح فيبوناتشي.

تصحيح فيبوناتشي (Fibonacci Retracement) هو طريقة لتحديد مناطق الدعم والمقاومة المحتملة للسعر. يمكن للمتداولين رسم خطوط تصحيح بين نقطتين سعرية — عادة أعلى سعر وأدنى سعر خلال حركة واضحة صاعدة أو هابطة.

وبناءً على نسب فيبوناتشي، تشمل مستويات التصحيح الرئيسية:

• 23.6% — منطقة تصحيح خفيفة
• 38.2% — منطقة تصحيح متوسطة
• 50% — مستوى محوري
• 61.8% — دعم/مقاومة مهم
• 78.6% — منطقة تصحيح عميقة

لنأخذ مثالاً عمليًا لنفترض أن سعر الذهب ارتفع من 1681 دولارًا إلى 1807.93 دولارًا، بزيادة قدرها 126.93 دولارًا. نحسب مستويات التصحيح كالتالي:

• 23.6% = 1807.93 - (126.93 × 0.236) = 1777.97 دولار
• 38.2% = 1807.93 - (126.93 × 0.382) = 1759.44 دولار
• 50% = 1807.93 - (126.93 × 0.5) = 1744.47 دولار
• 61.8% = 1807.93 - (126.93 × 0.618) = 1729.49 دولار
• 78.6% = 1807.93 - (126.93 × 0.786) = 1708.16 دولار

عندما ينخفض سعر الذهب، تصبح هذه المستويات مناطق محتملة للدخول. إذا تراجع السعر إلى مستوى 61.8%، فسيعتبر المتداولون هذا الدعم فرصة للشراء.

استراتيجية التداول في الاتجاه الصاعد

في سوق صاعد، يواجه المتداولون عادة حالتين:

الحالة الأولى: البحث عن تصحيحات قبل الارتداد

عندما يرتفع سعر الأصل بشكل كبير ويبدأ في التراجع، يحتاج المتداولون لتحديد ثلاث نقاط رئيسية:

• A: قاع السعر (بداية الاتجاه الصاعد)
• B: قمة السعر (نهاية الاتجاه الصاعد)
• C: نقطة الانعكاس المتوقعة (عند مستوى تصحيح فيبوناتشي معين)

داخل النطاق بين A و B، يمكن أن تكون مستويات 23.6%، 38.2%، 50%، 61.8%، و78.6% مناطق دعم محتملة. عند ملاحظة هذه المستويات، يمكن للمتداولين وضع أوامر شراء، انتظارًا لارتداد السعر.

وغالبًا، يُعتبر مستوى 61.8% الأكثر مراقبة، لأنه غالبًا ما يوفر أقوى دعم.

استراتيجية التداول في الاتجاه الهابط

في السوق الهابط، يكون المنطق معكوسًا:

• X: قمة السعر
• A: قاع السعر
• B: مستوى تصحيح فيبوناتشي معين

عندما ينخفض السعر من القمة إلى القاع، ثم يبدأ في الارتداد، يمكن للمتداولين وضع أوامر بيع عند مستويات تصحيح فيبوناتشي، حيث تعمل كمقاومات تمنع السعر من الارتفاع أكثر.

خطوة إضافية: استخدام توسعات فيبوناتشي لتحديد أهداف السعر

إذا كانت تصحيحات فيبوناتشي تساعد على تحديد نقاط الدخول، فإن توسعات فيبوناتشي تُستخدم لتحديد نقاط الخروج.

توسعات فيبوناتشي تعتمد على نفس النسبة الذهبية، وتشمل مستويات التوسع الشائعة:

• 100% — مساوية للمسافة الأصلية
• 161.8% — نسبة 1.618
• 200% — ضعف المسافة الأصلية
• 261.8% — توسع إضافي
• 423.6% — هدف أعمق

داخل الاتجاه الصاعد، يحدد المتداولون أهدافًا عند ثلاث نقاط:

• X: القاع الأولي
• A: القمة الأولية
• B: دعم بعد التصحيح (عادة عند مستوى تصحيح فيبوناتشي معين)

من B، يمكن أن يرتفع السعر إلى مستويات توسع فيبوناتشي (100%، 161.8%، أو أعلى). وتصبح هذه المستويات أهدافًا محتملة لجني الأرباح. عند اقتراب السعر من نقطة C (مستوى توسع معين)، يمكن للمتداولين إغلاق جزء من الصفقة أو كلها.

الاستخدام المدمج في التداول

النجاح في التداول لا يعتمد على مؤشر واحد فقط. غالبًا، يدمج المتداولون تطبيق متتالية فيبوناتشي مع أدوات تحليل فني أخرى:

• دمج خطوط الاتجاه لتأكيد الدعم والمقاومة
• دمج المتوسطات المتحركة لتحديد اتجاه السوق
• دمج نماذج الشموع لتأكيد إشارات الانعكاس
• الاعتماد على مؤشرات الزخم للتحقق من حركة السعر

بهذا الشكل، تقل احتمالية الإشارات الكاذبة، ويزداد موثوقية إشارات الشراء أو البيع. على سبيل المثال، عندما يلامس السعر مستوى 61.8% من تصحيح فيبوناتشي، ويظهر نمط شموع صاعد (مثل المطرقة أو الابتلاع الصاعد)، يكون إشارة دخول أكثر موثوقية.

لماذا تطبيق متتالية فيبوناتشي فعال جدًا؟

قد يبدو الأمر مجرد صدفة، لكن نسب فيبوناتشي فعالة جدًا في الأسواق المالية، والأسباب تشمل:

1. إجماع السوق — يتداول العديد من المتداولين باستخدام نفس مستويات فيبوناتشي، وهذا يخلق نوعًا من التحقق الذاتي
2. الأساس النفسي — البشر بطبيعتهم حساسون لنسبة التقسيم الذهبي، وهذا ينعكس في سلوك الجماعة
3. الانتشار الطبيعي — تتكرر نسب فيبوناتشي في الطبيعة، ويبدو أن هذا النمط يؤثر على سلوك الأسواق
4. التحليل الإحصائي — البيانات طويلة المدى تظهر أن الأسعار تتراجع غالبًا بالقرب من مستويات فيبوناتشي

نصائح للمبتدئين

إذا كنت تبدأ باستخدام تطبيق متتالية فيبوناتشي، فإليك بعض النقاط المهمة:

• تحديد الاتجاه بشكل صحيح — استخدمها في سوق واضح صاعد أو هابط، وإلا ستكون الإشارات غير موثوقة
• مراعاة الأطر الزمنية المتعددة — مستويات فيبوناتشي على الرسم اليومي غالبًا ما تكون أدق من الدقيقة
• إدارة المخاطر أولًا — مستويات فيبوناتشي مجرد أدوات، ويجب وضع أوامر وقف خسارة مناسبة
• تجنب الإفراط في التداول — ليست كل تصحيحات فيبوناتشي تستحق الدخول، انتظر الإشارات ذات الاحتمالية العالية
• التعلم المستمر — السوق يتغير، وأداء الأصول يختلف، لذا استمر في تعديل استراتيجيتك

تطبيق متتالية فيبوناتشي في التداول يمنحك إطارًا موضوعيًا ومرتكزًا على الرياضيات لتحليل السوق. لكن الأداة نفسها لا تتداول، بل يعتمد الأمر على خبرة وانضباط وإدارة مخاطر المتداول.