

كانت استراتيجية مايكل سايلور المؤسسية في البيتكوين تُعتبر ذات يوم رؤية مبتكرة، لكنها أصبحت الآن مثالاً تحذيرياً في إدارة الخزانة عالية المخاطر. إذ أدى التراكم المكثف للبيتكوين من دون تطبيق أطر تقليدية لإدارة المخاطر إلى تعريض الشركات التي تبنت هذا النهج لتقلبات عنيفة. وعندما شهد سوق العملات المشفرة انهياراً، كانت تداعياته على هذه الشركات أشد بكثير مقارنة بالمستثمرين الأفراد، ما أشعل جدلاً واسعاً حول ما إذا كان البيتكوين يصلح كأصل أساسي للخزانة.
تسببت موجة الهبوط الأخيرة في السوق في هبوط مؤشر الخوف والجشع إلى مستويات تاريخية دنيا، مما عكس حالة من الذعر وشح السيولة. أما الشركات التي ربطت هياكل رأس مالها بتوقعات ارتفاع البيتكوين على المدى الطويل فقد واجهت تراجعاً حاداً في قيمة الأسهم، حيث تلازم أداء تقييمها مع تقلبات أسعار العملات المشفرة. وقد اتبعت أكثر من 100 شركة مدرجة علناً نماذج مختلفة من استراتيجية سايلور، ويواجه العديد منها اليوم خسائر أكبر نتيجة أن التمويل بالرافعة المالية زاد من حجم المخاطر بدلاً من احتوائها.
ينبع انهيار خزائن البيتكوين المؤسسية من خلل هيكلي بين سلوك العملات المشفرة والالتزامات المالية للشركات. إذ جمعت شركات عديدة كميات هائلة من البيتكوين بالتوازي مع اقتراض كبير، مع اعتقادها أن ارتفاع البيتكوين سيتفوق على تكاليف الفائدة. وعندما هبط البيتكوين من ذروته التي تجاوزت 126.000 دولار إلى أقل من 100.000 دولار، كانت الشركات الممولة بالرافعة أول من تلقى الضربة الأشد.
| المؤشر | الظروف عند الذروة | بعد الانهيار | الدلالة |
|---|---|---|---|
| سعر البيتكوين | 126.251 دولار | أقل من 100.000 دولار | انخفاض حاد في قيمة الخزانة |
| علاوة صافي أصول الشركات | فوق 1x بكثير | انخفضت إلى التساوي | فقدان ثقة المستثمرين |
| نسب الديون | رافعة مالية عالية | استدعاءات هامشية مفعلة | تصفيات قسرية |
| ظروف السيولة | هشة في عطلات نهاية الأسبوع | ازدادت هشاشة | تفاقم التقلبات |
| مؤشر الخوف والجشع | غير متوفر | 11 من 100 | بيئة بيع ذعري |
وبما أن العديد من هذه الشركات بنت نماذج أعمالها على توقع ارتفاع البيتكوين، أصبح أداء الأسهم مرهوناً بتحركات سعره، بعيداً عن الأداء التشغيلي الحقيقي. وعندما جفت السيولة في فترات التداول الحرجة، جرى تصفية المراكز الممولة بالرافعة بخسائر كبيرة، مما أدى لانخفاض أسعار الأسهم بوتيرة أسرع من تراجع البيتكوين ذاته.
تزايدت مخاوف الجهات التنظيمية حيال المخاطر النظامية الناجمة عن المراكز المؤسسية ذات الرافعة المالية في البيتكوين. فقد أعربت السلطات الأميركية، وخاصة لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC)، عن شكوكها بشأن استمرار الشركات ذات الانكشاف الكبير للأصول الرقمية ضمن المؤشرات الرئيسية للأسهم. وتشير أبحاث المؤسسات المصرفية الكبرى إلى أن الاستبعاد من المؤشرات قد يؤدي إلى موجات بيع قسري من الصناديق المؤسسية، مما يزيد من أزمة السيولة.
وتعكس الجهات التنظيمية الدولية المخاوف نفسها؛ إذ تؤدي استراتيجيات البيتكوين الممولة بالرافعة إلى هشاشة متزايدة في التزامات الديون المؤسسية خلال فترات الهبوط، ما يثير تساؤلات حول توافق تلك الاستراتيجيات مع معايير الأمانة الائتمانية. ويعكس هذا الموقف تحولاً عن الفترات السابقة التي اتسمت بتساهل أكبر تجاه استراتيجيات الأصول الرقمية التجريبية.
أما التنفيذيون الذين قادوا سياسات التراكم المكثف للبيتكوين، فقد أصبحوا يواجهون دعاوى خاصة وضغوطاً من مستثمرين نشطين. وحتى إذا تعافى البيتكوين، ستبقى العديد من الشركات المتضررة تواجه صعوبة في استعادة ثقة المستثمرين المؤسسيين.
يكشف الانهيار عن مبادئ أساسية أهملها أمناء الخزانة في الشركات.
إن التقلب الحاد للبيتكوين ومحدودية السيولة يجعلانها غير ملائمة للوظائف الأساسية في الميزانية العمومية. أما الشركات التي اقتنت البيتكوين بشكل محدود عبر رأس المال الذاتي ودون رافعة مالية فقد احتفظت بمرونة أكبر أثناء الانخفاض. في المقابل، واجهت الشركات التي استخدمت الهامش أو اقترضت لتوسعة مراكزها صعوبات كبيرة في الحفاظ على الملاءة المالية.
لطالما أكدت المالية المؤسسية التقليدية ضرورة توافق تقلب الأصول مع الالتزامات المالية. ببساطة، سلوك البيتكوين لا ينسجم مع هذه القواعد.
على المؤسسات الراغبة في الحفاظ على انكشافها للأصول الرقمية دون تكرار هذه الأخطاء اعتماد ضوابط صارمة.
تقدم منصات مثل Gate أدوات تعليمية وتقارير تقييم المخاطر لمساعدة المؤسسات في دمج العملات المشفرة بمسؤولية. في النهاية، يرتبط بقاء الشركات بالالتزام بالإدارة المالية المنضبطة. أما الاستراتيجيات التي تراهن على استمرار صعود السوق فهي تنهار مع تغير المعطيات.











